هناك في درعا، في الجنوب السوري كانت ولادة الحرية في الثامن عشر من شهر آذارلعام 2011. كانت ولادة فريدة من نوعها حيث ثارَتْ الطفولة من أجل الحرية و اِسقاط النظام. هكذا عبَّر أطفال ُدرعا عن رغبتِهم في استنشاق الحرية ، فكتبوا على جدران أحد المدارس في الجنوب السوري“ حرية و الشعب يريد اسقاط النظام“. لكن النظام السوري سارع إلى اعتقال الأطفال بأمر من العميد عاطف نجيب رئيس فرع الأمن السياسي بدرعا في ذلك الوقت.كما و أنه ابن خالة الرئيس السوري بشار الأسد
اُعتقلوا ألأطفال و عُذبوا حتى الموت. لقد استخدمت كل وسائل التعذيب من أجل حرمانهم من ذلك الأوكسجين الخطر على النظام السوري. لكن النظام لم يكتفِ بذلك ، بل تلذذ بإذلال الآباء عندما طالبوا بجثث أطفالهم. لقد كانت الساديَّة واضحة وضوح الشمس عندما أجاب الأمن السوري الآباء الملكومين بأنه لا يوجد أبناء لهم في المعتقل قلينجبوا أطفالاً غيرهم و إن لم يستطعوا الاِنجاب فليرسلوا زوجاتَهم لرجال الأمن. فثارَ الشعبُ بالأكمل في كل أنحاء درعا من أجل الطفولة و من أجل الحرية . فتحول اسم الطفل حمزة الخطيب الذي عُذب حتى الموت في المعتقل إلى أيقونة الشرارة الأولى للثورة السورية في درعا.تظاهر الشعب في مدينة درعا بكل سلمية و كان سلاحهم الوحيد الحنجرة الواحدة. لكن النظام الأمني قام بقمع المظاهرات و التصدي لها بالاعتقالات و اطلاق الرصاص العشوائي. لقد وثق الشعب السوري الثائر برئيسهم الشاب و ظنوا أنه سيقف الى جانبهم و يقوم بمحاسبة قاتل الأطفال. لكن تلك الثقة لم تدم طويلاً عندما وصف الرئيس السوري شعبه الثائر بالمندسيين و المخربين و اعتبرها حرباً و بأنه على استعداد تام للتصدي لهذه الحرب. كانت صفعة قوية للشعب الذي ظن بأن الأمل بالتغير و المحاسبة سيكون على يدي رئيسهم الطبيب ، الذي سيضمد جراحهم و يوقف النزيف الجماعي
[masterslider id=“7″]
غضب الشعب أكثر و صرخوا جميعاً بحنجرة واحدة في كل أنحاء سورية من درعا إلى حمص ،دمشق ، حلب و حماة. و هناك في حماة كانت النواعير تبكي قاشوشها الذي قام الأمن السوري بقطع حنجرته التي كانت تصدح بكلمات شعبية مطالبة برحيل الأسد“ يلا إرحل يا بشار“ رحل القاشوش ابن مدينة حماة لِيُطْلَق لقب القاشوش على كل من قام بالغناء عالياً بكلماته. فكان في كل مدينة قاشوشاً دمشقياً ، حلبياً ، حورانياً و حسكياً و قامشلياً. لم يعد رصاص الأسد كافياً لقمع الشعب الثائر فاستعان بحليفه الأقرب حزب الله و ايران. كلما حاول النظام قمع الشعب أكثر كلما استفاق الشرفاء من قادة الجيش الذين رفضوا قتل الأبرياء. ليشكلوا فيما بعد جيشاً يدافع عن الشعب السوري باسم الجيش السوري الحر. من أوائل الضباط المنشقين المقدم حسين الهرموش و الملازم أول عبد الرزاق طلاس
أصبح النزاع المسلح بين جيش النظام الذي يريد التخلص من الثورة الشعبية و الجيش الحر الذي وقف إلى جانب الشعب المطالب بحقوقه.لم يقو النظام السوري و جيشه و شبيحته* السيطرة على المظاهرات ، فقام باللعب على وتر الطائفية.لكن النظام السوري فشل بالتفرقة بين الشعب الواحد بكامل أطيافه. لكن النظام فتح الطريق الواسع أمام المجموعات المتشددة كجبهة النصرة كي يُضعف من عزيمة الجيش الحر و كي يُرعب الأهالي. و فيما بعد أصبح دخول المجموعات الارهابية أمراً سهلاً ليواجه الشعب السوري عدواً لا مثيل له يتستر تحت شعار الإسلام و المتمثل بداعش التي لم تفرق بين بشر و لا حجر
ْلم يتوقف الشعب عن المطالبة بأوكسجين الحرية فاختار النظام السوري لهم السارين بدلاً من الأوكسجين. كان الهجوم الأكبر و الأفظع من نوعه في 21 من شهر آب لعام 2013 حيث قُصُفَت الغوطة الشرقية في دمشق بغاز السارين . مما أسفر عن مقتل أكثر من 1500 و اصابة أكثر من خمسة آلاف شخص أغلبهم من الأطفال و النساء.كما و تكرر استخدام غاز السارين بهجوم آخر على حمص في 23 من العام نفسه 2013. كذلك في 29 من شهر نيسان لعام 2014 استخدم السارين مرة أخرى في سراقب في مدينة ادلب
في 14 من شهر نيسان لعام 2015 نشرت منظمة هيومن رايتس تقريراً اتهمت فيه قوات النظام السوري باستخدام عناصر كيماءية بما فيها الكلوين في الهجمات التي وجهها النظام على إدلب.تكرر استخدام النظام للسارين بهجمات عديدة في 29 من شهر شباط لعام 2015 ، آب 2016 ، 4 من نيسان 2017 ارتكب النظام مجزرة في خان شيخون ، و في 7 من نيسان لعام 2018 أكدت مصادر سورية لقناة الجزيرة مقتل 150 مدنياً بحالات اختناق في مدينة دوما في الغوطة الشرقية جراء استهداف المنطقة بصواريخ يرجح أنها تحتوي على غاز السارين
تحولت سماء سورية مابين العام 2011 و 2018 مسرحاً للطائرات الحربية السورية و الروسية لتتحول أرض سورية إلى مقابر جماعية منها تحت الركام و فوقه و لعدم توفر الوقت لعمليات الدفن و الخوف من تفشي الأمراض بسبب المواد المستخدمة بالقصف. فُقد الأمان في كل بقاع سورية و أصبح النزوح الداخلي شيئأً اعتيادياً و الهجرة الخارجية أمراً لا بد منها.قتل الشعب السوري بكل أنواع الأسلحة المحرمة دولياً ، تلَّفظوا أنفاسهم الأخيرة في أقبية المعقلات كسجن صيدنايا و الفروع الأمنية ، تحت الأنقاض كما و امتلأت رئاتهم بالسارين و بماء البحر الأبيض المتوسط. لكن الموت المتعدد الأشكال لم يوقف الشعب عن المضي قدماً باتجاه الحرية
اعتمد النظام السوري جملة “ الأسد أو نحرق البلد“ و فرض هيمنته الكاملة على محافظة درعا بعد مفاوضات دامت لأكثر من شهر مابين التاسع عشر من شهر حزيران لعام 2018 الى الواحد و العشرين من شهر تموز للعام ذاته. أصبحت حوارن كاملة باستثاءحوض اليرموك تحت سيطرة النظام السوري و حلفاءه الروس و ايران
لكن قلب سورية مازال ينبض بالحرية في الشمال السوري ، في ادلب ، ريف حلب الجنوبي و الغربي و جزء كبير من سلسلة جبال التركمان بالساحل السوري التي لم يهيمن النظام السوري عليها براًإلى يومنا هذا. منذ أكثر من اسبوع من الشهر الحالي عمت المظاهرات من جديد في أنحاء سورية لتجديد المطالبة بالحرية ، تقرير المصيرو اسقاط النظام. اليوم يحتفل الشعب السوري بذكرى الثورة السورية التي لم تنتهي بعد و يصرُ الشعب أن يستمر بالحراك من أجل من ماتوا و هم يصرخون بكلمة حرية
الشبيحة * : صفة تطلق على مجموعات مدنية و ليست عسكرية جُندت لصالح النظام السوري . لدى الشبيحة الضوء الأخضر لفعل كل ما يصب في مصطلحة النظام. كالسرقة ،الاعتقالات العشوائية ، القتل المتعمد و الإغتصاب. يعتبر الشبيحة من أخطر ما يخافه السوريين بالموازنة مع المجموعات الارهابية داعش. الشبيحة يقتلون ياسم الأسد و داعش باسم التوحيد
Waiting for a German version!